Thursday, May 26, 2011

من المقرر


بدأ الامتحان ..الطلبه يجلسون فى اماكنهم بعد ان القى كل منهم نظرة سريعه فى ملزمه ليله الامتحان ..بمجرد توزيع ورق الاسئله الا وبدأت الهمهمات والنظرات بين الطلبه ..محاولات للغش بالاشارات ..هكذا من أول سؤال ..لخص يابنى ..هات من الاخر ....التوقعات المرئيه ..كل مايهم الطلبه هو الاجابه النموذجيه الموجوده فى المقرر ..حتى انى اثناء الحصص حينما اتناول موضوع معين كثقافه عامه ..يبدأ الطلبه فى الهمهمه الى ان يتجرأ احدهم ويقول : يعنى يامستر ده عندنا فى المنهج ..يعنى م الاخر هاييجى فى الامتحان ؟ ..ارد عليه : يابنى دى معلومات عامه ليك انت ...ينظر لى نظرة ذات مغزى عميق (ياعم فكك بقى )...واتذكر انى حينما كنت طالبا فى الجامعه كنا نكره الاستاذ الذى يقول لنا اننا يجب ان نبحث فى مراجع كذا وكذا ..المهم فين المنهج ..شاورلى على المنهج وانا احبك ..وكنا دائما نبحث عن الطالب المجتهد(من وجهه نظرنا ) الذى يلبد فى المحاضرات لكى يقول لنا ان من صفحه كذا الى كذا ملغى كنا نفرح بمقدار عدد الصفحات الملغيه ..كنا نكره المواد التى ليس لها مقرر مثل ماده الترجمه فنقع فى حيص بيص وتكثر الاقاويل والشائعات بين الطلبه ..ومن المضحكات مثلا ان هناك طالب فتك جمع كام ورقه بها كلمات متعدده ويقول ان الامتحان لن يخرج من هذه الملزمه .. ويسير الجميع وراءه ويشربوا المقلب ..كيف لامتحان ترجمه ان يكون له منهج ؟؟ ..كنا فى الجامعه دائما مانبحث عن راى الدكتور وماذكره فى الكتاب وليس المهم راينا ..الدكتور بيقول ايييه ؟ ..المهم ننجح .مع ان هذا ليس نجاحا بل فشلا ..هذه الثقافه ليست موجوده فى التعليم فقط بل متأصله لدينا كمصريين فى كل مناحى الحياه .. ..فنحن شعب يخاف من الحريه ويخاف من المسئوليه ودائما مانبحث عن اخر ليتحملها بدلا منه ..انه شعب لم يتجاوز الفطام النفسي بعد ..وهذا ما وضح بعد ثورة يناير ..فالشعب لم يكن مصدقا انه بدون مقرر او منهج .لذلك حدثت البلبله والشائعات والفوضي ..مثلما حدث فى امتحان الترجمه بالظبط ..فتجد اراء كثيرة مختلفه وتجد من يبيع ملخصات ومن يفتى  ..الكل فى حاله تخبط وعدم اتزان فى غياب المقرر ..ومن الوقائع التاريخيه المعروفه واقعه تولى محمد على الحكم ..فالمصريين حاربوا اربع قوى كبرى : الانجليز والفرنسيين والمماليك والعثمانيين وهى معجزة بكل المقاييس ان تصد كل هؤلاء ..لكن المفاجأة الكبرى ان السادة الافاضل من الثوار والمناضلين ..خافوا من عدم وجود مقرر ..فحدثت نفس بلبله امتحان الترجمه بتاعه الواد الفتك اياه ..وقرر هؤلاء الزعماء ان يجعلوا محمد على القائد الالبانى هو من يضع المقرر  ويتولى الحكم ..لذلك رد لهم الجميل وحذفهم من المناهج (مع كل الاحترام لكل مافعله محمد على من نهضه مصر الحديثه ) ...انظر حولك فى الشارع المصري ..كم الفتاوى الرهيبه التى تصدر يوميا ..وكم طلب الفتاوى فى مواضيع بديهيه وسهله ولا تحتاج الى مقرر اصلا ..ارجع الى عظه يوم الاربعاء للبابا شنوده وكم الاسئله الغبيه التى يسألها الناس ..كم الاسئله التى يسألها الناس فى رمضان للشيوخ .كلنا نبحث عن شخص يفكر لنا ...كلنا نبحث عن المحذوف والموجود فى المنهج ..مع ان المنهج واضح وبين ..الحلال بين والحرام بين فنحن نخاف من المسئوليه..اننا نسير بطريقه اربط الحمار مطرح مايعوز صاحبه  ..لكن العلاقه بين الانسان وبين الله اسمي بكثير مما نتصوره ..فتجد مثلا ان انسان يهتم بالصلاه لكنه لا يهتم مثلا ان يعامل الناس جيدا ..هو يريد ان يجيب على الاسئله التى تمنحه درجه النجاح فقط ..الاسئله الاجباريه ..بينما الاسئله الاختياريه تجعله يقع فى ورطه ..معظمنا ينتظر الفرصه لكى يتوب فى اخر لحظه ..يعتمد على مراجعه ليله الامتحان ..بينما ينسي ان هناك تقويم شامل واعمال سنه قد تجعله يرسب ...وفى حياتنا الاجتماعيه تجد مفهوم المقرر ايضا موجود ..فيوم الخميس مثلا هو يوم تأديه الواجبات الزوجيه ..لماذا يوم الخميس فقط ؟ احسن نسقط ياعم ..اصبحنا نختزل العلاقات الانسانيه فى المقرر ..وكثيرا ماتسمع كلمه انا رايح لفلان عشان والده اتوفى ..هاروح اعمل الواجب ..فنذهب لمجرد الواجب وحتى لا يصبح شكلنا بايخ او وحش ..لكن لا نذهب الى المناسبات الاجتماعيه بدافع المشاركه الانسانيه ..ومع اولادنا نضع لهم مقررا ومنهج يسيرون عليه حتى لو كان فى اعتقادنا انه خاطئ ..المهم يسمع الكلام ويعمل اللى قلتله عليه  ..تدخل كليه فنون جميله ياغبى ؟ انا شايف ان كليه الهندسه احسن لك ..لو ماسمعتش كلامى لا انت ابنى ولا انا اعرفك  ..وانتى يابنت لو ماتجوزتيش العريس ده هاتندمى ده عريس لقطه ..مابحبوش يابابا ...حب ايه  وكلام فارغ ايه ..فيصبح الولد مهندس فاشل ..وتعيش البنت فى سجن مع عريسها اللقطه ..لان الاب وضع لها المقرر بنفسه ولم يسمح لها بجزء من الحريه ..وعلى رأى سعيد صالح : شوف المقررات هناك سهله ازاى ؟
الله منحنا حريه كبيرة ونحن من يرفضها

3 comments:

Ramy said...

الكلام دة!!

من المقرر؟؟

ياسمين said...

ما أجمل هذا الكلام ,حقيقة أنا متفقة معك ولكن أظن أن المشكلة في المنظومة التعليمية والتربوية سواء في المدرسة من ونحن صغار حتي في البيت .في المدرسة نتعلم الحفظ لا الفكر وعندما ندخل الجامعة تصيبنا الصاعقة الكبري بأن يجب علينا أن نبحث عن المعلومة ونقول وجهات نظرنا المختلفة .واظن اننا حتي اللحظة وحتي بعد نجاح الثورة هناك أناس ليست مقتنعة وتري ان ما يُفعل خطأ ودمار للمجتمع وعايزين منهج وحتي الخوف مازال موجود عن البعض .وهم أيضا يريدون المنهج.أظن ان الموضوع سوف يأخذ وقت كبير لانها ثقافة متشربة ومغروسة فينا .شكراا يامستر
بس المهم في امتحان الترجمة الولد ظهر بعدها ولا خد الفلوس وخلع ههههه

ELVIRA said...

الطاعة مرض متوارث فى بلادنا منذ عصر إخناتون الذى خرج عن المقرر و لم يعد
لهذا إذا حاولت الخروج و التفكير فأنت حكمت على نفسك أن تكون فى فريق المنبوذين

علشان محدش يزعل

كافه المواد المنشورة في هذا الموقع محفوظة بموجب قوانين حقوق النشر والملكيه الفكرية ولا يجوز نسخ هذه المواد او اعاده انتاجها او نشرها او تعديلها او اقتباسها لخلق عمل جديد او ترجمتها او إذاعتها او انتاجها للجمهور باي شكل من الاشكال دون الحصول على اذن مسبق